المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2020

المجتمع وحمى العواطف

صورة
  عطفاً على الموضوع السابق "العقائد، مقتلةُ الفن" هناك معايير فنية وجمالية يجب أن يخضع لها أي عمل فني؟ بمعنى إن العمل الفني لا يخضع للعاطفة في تقييمه فنيًا وجماليًا، مهما كانت فكرته ورمزيته التي يرمز لها (حتى وإن كانت هذه الرمزية أو الفكرة مقدسة عند المجتمع) العاطفة في الحياة مطلوبة، لكن في لحظات الانهيار الحضاري والتفتت اللي تمر بيها الشعوب، يحتاج بناءها إلى العقل والشدة -الجدية- أكثر من العاطفة والمجاملات، تفاديًا لخلق مجتمع يجد مبرر ومخرج لكل فشل أو خطأ يقع بي؛ دون محاسبة ومراجعة، وبعدها نبقى نشتكي من تفاهة حياتنا ولا جدواها "لأن النتيجة الطبيعة لحياة هكذا مجتمعات هي: (حياة تافهة) من دون معنى" بحياة شعب النخوة والفزعة (الشعب العراقي) مساحة العاطفة والمجاملات أكبر منها مقارنة بمساحة العقل، لذلك لما نشوف واحد متجاوز أو مخالف للنظام ونعترض عليه، راح يخلق ألف حجة وحجة حتى يبرر مخالفته وأخطاءه واللي منها: "فقير وخطية وماعنده ...." ولما نشوف واحد مآخذ الرصيف، ناصب موكب راح نبرر لأن هذا الشي فعل ديني مقدس. كل هذه التبريرات والأخطاء راح تنسحب على مج...

العقائد، مقتلةُ الفن

صورة
  نشر الأستاذ (حسن ناظم) منشور عبّر بي عن سعادته بإزالة نصب "سيف ذو الفقار" البلاستيك في مدينة الكوفة...  حقيقة عجبتني طريقة الأستاذ حسن اللي عبر بيها عن استياءه ورفضه لهذا النصب، وكنت متابع الصور اللي ينشرها مع أشخاص مختلفين ويظهر فيها النصب خلفهم، الصور كانت عبارة عن رسائل احتجاج ورفض لهذا العمل البائس. هذه المشهدية البائسة هي صفة مشتركة لكل مدنا، في البصرة مثلاً وأنت تتجول راح تشوف نُصب (سيف ذو الفقار، قربة العباس، فرس الحسين، بيت الزهراء، كلمة الله) نُصب مشوهة فاقدة لكل قيم الجمال "تصميم اسطوات وخلفات" طبعاً ناهيكم عن ما يسمى بنصب "الشهيدة خالدة" هذا النصب اللي جاءت فكرته وتولدت من أسطورة شعبية، ما يصدقها المجنون قبل العاقل؟! من أسبوع وهو تاريخ نشر المنشور -منشور الأستاذ حسن ناظم- وأنا أتمنى أن أمتلك الجرأة واعبر مثل طريقته بالرفض والاحتجاج لكل الأعمال البائسة بالبصرة، ويوميًا آخذ صورة يم نُصب، لكن اليوم قرأت مقولة لـ (نيتشه) خلتني ألغي الفكرة من بالي، وأعطف على نفسي، وعلى أمنية أي شخص يتمنى أن تمتلك مدنّا علامات ونصب تكون محل جذب وانتباه، تمثل...

ضرورة استحضار التاريخ

صورة
قبل أيام؛ أثناء تواجدي في بغداد سألت سائق التكسي عن مجموعة بنايات صادفناها في الطريق، لفتت انتباهي من خلال طريقة بناءها وتصميمها، فذكر السائق تفاصيل قليلة عنها لكنها كانت ملفتة ومهمة، منها والكلام للسائق: إن هذه البنايات مُنحت من قبل السلطة السابقة لشريحة من المنتمين لها، ولكن بعد عام ٢٠٠٣ تم الاستيلاء عليها وطرد سكانها (الأصليين) منها. واستمرارًا لحديثه وإجابته عن سؤالي أشار إلى بنايات أخرى بعد دخولنا لشارع آخر، أيضًا قد تعرض أهلها الآثوريين والكلام للسائق، للترحيل وتم السطو عليها بالقوة! حقيقة طول الطريق أفكر مع نفسي، عن مصير من شُردوا من منازلهم؟ كذلك شعور الساكنين الحاليين في هذه البنايات مع علمهم (الأكيد) بأنها بنايات مغصوبة، بأي حق سكنوا فيها وربما قسم منهم باعوا أجزاء من هذه البنايات وربحوا ما ليس لهم؟ وأخيرًا تساءلت عن السبب الذي يتيح للناس أن تتصرف هكذا تصرفات تتيح لهم ترحيل وتهجير من لا يتوافقون ووجهة نظرهم؟ بعيدًا عن إجابة: إن أوقات الحرب تسمح للإنسان أن يرتد بأفعاله إلى الماضي البدائي ويُباح له أن يكون وحشيًا وقاسيًا. مصادفة مع هذا الموقف وهذه التساؤلات، أقرأ كتاب بعن...

شباك الأدب .. شباك الواقع

صورة
   تنبيه: نشر المقال في موقع إطار فني فتح الهوا الشباك والنوم طار مني… هذه الكلمات هي مفتتح أغنية المطربة المصرية العملاقة سعاد محمد، قد لفتت انتباهي وأنا أستمع لها ذات يوم؛ لعنصر مهم من عناصر المنزل المعمارية ألا وهو الشباك، هذا العنصر الذي لم يحظى بالاهتمام الكافي مجتمعيًا، وأقصد هنا أن وظيفة الشباك بقيت تستخدم في المجتمع العراقي إلى اليوم بنفس وظيفتها البدائية التي وجدت لها وهي: إنارة البيت، ومصدرًا لدخول التيار الهوائي. ولكن هل للشباك اليوم من وظائف أخرى مع تلك التي وجد من أجلها، تستدعي الانتباه والإشارة إليها؟ الشباك رؤية رومانسية: في المقطع الثاني من أغنية المطربة سعاد محمد التي كتبها الشاعر مأمون الشنّاوي، نجد أن للشباك وظائف أخرى مع تلك التي وجد من أجلها حيث تقول: روح يا نسيم الليل .. ئول للحبيب كلمة الحب فَرْحْ وويـــل .. وكــل شيء قسمة نكتشف من هذا المقطع أن تقادم الزمن وتنوع متطلبات الحياة أوجد للشباك وظائف أخرى كما سنبيّن لاحقًا، لذلك جعله الشاعر هنا وسيلة من وسائل التواصل خصوصًا بين العاشقين، رغم وجود وسائل أخرى للتواصل لكنه كان الوسيلة الأضمن والأسل...

البيت، رؤية مغايرة

صورة
  تنبيه: نشر المقال في موقع إطار فني صورة لمجموعة من الكهوف، مسكن الإنسان الأول منذ أقدم العصور برزت الحاجة الإنسانية للاحتماء من المخاطر الطبيعية وغير الطبيعية، فتجلت بلجوء الإنسان إلى الكهوف والمغارات للسكن والاحتماء. ثم أخذت هذه الحاجة تتطور بتطور الإنسان؛ كذلك تغير وتنوع احتياجاته، لينتقل معها مفهوم المسكن أو المأوى لمرحلة جديدة بالشكل ومواد البناء لتناسب احتياجات المرحلة المتطورة هذه؛ خصوصًا مع اعتماد الإنسان فيها على الزراعة والري، مما يتطلب منه الاستقرار والمكوث في الأرض فترة طويلة، لرعاية ومداراة المحاصيل وانتظار وقت حصادها، عندها انتقل من مرحلة السكن في الكهوف والمغارات، وبدأ بتشييد وبناء المساكن والبيوت على الأراضي الواسعة مستخدمًا القصب والبردي أو الأخشاب، ثم الطين والحجر، وصولًا إلى انطلاق الثورة الصناعية وبداية اختراع مادة الإسمنت، والتي أصبحت المادة الأساسية في بناء البيوت والمساكن.   شكل البيت، بعد الانتقال من مرحلة السكن في الكهوف والاستقرار قرب الأراضي الزراعية.   إن التطورات المستمرة التي خلقتها مسارات الحضارة، وسيادة العلم بتقنياته وتكنولوجياته ...

المدينة، فكرةٌ قبل كل شيء

صورة
  تنبيه: نشر المقال في موقع إطار فني في طريق الذهاب لبيت واحد من الأصدقاء والذي يقع في مركز المدينة، شاهدت عند مدخل الشارع الرئيسي المؤدي إلى البيت؛ يافطة مكتوب عليها (مضيف عشيرة …)! استوقفتني هذه البناية ويافطتها كثيراً، وتساءلت عن معنى وجودها في مركز المدينة؟ هل نعيش في مدينة يسودها القانون ويعلو فيها التفكير العقلاني، أم نعيش في قرية حيث سلطة العشيرة وأعرافها بما تنطوي عليه هذه الأعراف من ثارات ونزاعات وأحقاد، ولِما لها من آثار سلبية تهتك بنية المجتمع، وتؤثر سلباً على الأنساق الوظيفية لعمارة وحاضرة المدينة؟ لتقودني هذه التساؤلات لسؤال أهم وأكبر، هل يكفي إطلاق مسمى (المدينة) على كل تجمع بشري يعيش في أبينة من طراز حديث ويتصرف بطريقة تواكب متطلبات العصر؟ هل هناك شروط معينة كي تكتسب بيئة ما؛ صفةَ ومسمى (المدينة)؟ قبل ذلك وبشكلٍ مقتضب، لابد من الإشارة لبدايات نشوء المدينة؛ والتي تمتد جذورها لفترات تاريخية قديمة قدم الحضارات المعروفة، البابلية والآشورية والسومرية… المصرية، واليونانية، إذ ميزت نشأتها أول الأمر دوافع دينية أو حربية، تكريماً وعبادةً للآلهة من خلال بناء المعابد أو تسم...

المكان العراقي وصراع الهيمنة بين السلطة والمجتمع

صورة
   تنبيه: نشر المقال في موقع إطار فني تحدثت في المقال السابق (عمارتنا المحلية العراقية والتحولات السياسية) كيف ألقت الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد منذ عقود بظلالها على عمارتنا المحلية وحجم التشوه والدمار الذي طالها نتيجة ذلك. ولتكتمل الصورة، يأخذنا الحديث في هذا المقال عن المكان بوصفه حاملاً لهذه العمارة، وكيف عكس صراع الهيمنة عليه، بين السلطة (ممثلةً بأحزاب وسياسيين)، والمجتمع ممثلاً (برؤوس الأموال مُحدثي النعمة وأفراد انتهازيين) يعتاشون وتنشط فعالياتهم في الأجواء والظروف غير الطبيعية التي تعيشها البلاد، عكس هذا الصراع تداعياته على المكان في إنتاج عمارة تعبر عن سطوة السلطة وقهرها مرة، وعن تمرد ورفضه مجتمعي لها في أخرى.   حديثنا عن المكان هو حديث عن فضاء عام ومساحات مفتوحة، لا ينتمي إلى أي شخص، بل ينتمي إلى الدولة ككيان يجمع (السلطة والمجتمع). ولأنه فضاء ومساحة كاشفة عن سلوك ورؤية الفرد والجماعة؛ بما يحمله من مبانٍ ورموز، فإنه كذلك يكشف عن حجم التأثيرات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تمارس عليه. من هنا يجري الحديث عن هذا الصراع. فالمكان الذي تشكله الحروب ...

عمارتنا المحلية العراقية والتحولات السياسية

صورة
      تنبيه: نشر المقال في موقع إطار فني بناية المحكمة القديمة-منطقة البصرة القديمة (تظهر عليها آثار الاهمال، حيث تحولت إلى مسكن عشوائي للعوائل)   تشيع على مسامعنا وتردد كثيراً: “تُصلح الرياضة ما أفسدته السياسة” شخصياً لا أتفق وهذه المقولة فبرأيي تفسد الخلافات والصراعات السياسية وسوء استخدام السلطة كل شيء. وتجر المجتمع لويلات لا تُحمد عقباها، ولعل ما أفسدته السياسة والخلافات بين البلدان، في مجال الرياضة، لا يغيب أو يخفى عن المتتبعين والمهتمين بالشأن الرياضي أو السياسي. ليس هذا المقال موضع لذكرها بالتفصيل فقط أوردتها كمثال وبوابة دخول للإشارة إلى المجالات الأخرى الحياتية والاجتماعية العامة التي تفسدها السياسة وتخربها. وهذا ما حدث بدءً من عام 1990حتى عام 2003 والتغيرات السياسية التي حدثت وألقت بظلالها على مجمل الحياة العراقية عامة، وفي مجال العمارة خاصة؟ كمولع بفن العمارة سنحت لي القراءة والمطالعة في هذا المجال قدرة على تلقي وتذوق البعد الجمالي والاجتماعي لعمارتنا المحلية بعين فاحصة ناقدة ومقارنتها بالفترات التي سبقتها، بما يسمح به النضج العمري والعقلي حينها بت...