المجتمع وحمى العواطف
عطفاً على الموضوع السابق "العقائد،
مقتلةُ الفن"
هناك معايير فنية وجمالية يجب أن يخضع لها
أي عمل فني؟
بمعنى إن العمل الفني لا يخضع للعاطفة في
تقييمه فنيًا وجماليًا، مهما كانت فكرته ورمزيته التي يرمز لها (حتى وإن كانت هذه الرمزية
أو الفكرة مقدسة عند المجتمع)
العاطفة في الحياة مطلوبة، لكن في لحظات
الانهيار الحضاري والتفتت اللي تمر بيها الشعوب، يحتاج بناءها إلى العقل والشدة -الجدية-
أكثر من العاطفة والمجاملات، تفاديًا لخلق مجتمع يجد مبرر ومخرج لكل فشل أو خطأ يقع
بي؛ دون محاسبة ومراجعة، وبعدها نبقى نشتكي من تفاهة حياتنا ولا جدواها "لأن النتيجة
الطبيعة لحياة هكذا مجتمعات هي: (حياة تافهة) من دون معنى"
بحياة شعب النخوة والفزعة (الشعب العراقي)
مساحة العاطفة والمجاملات أكبر منها مقارنة بمساحة العقل، لذلك لما نشوف واحد متجاوز
أو مخالف للنظام ونعترض عليه، راح يخلق ألف حجة وحجة حتى يبرر مخالفته وأخطاءه واللي
منها: "فقير وخطية وماعنده ...."
ولما نشوف واحد مآخذ الرصيف، ناصب موكب
راح نبرر لأن هذا الشي فعل ديني مقدس.
كل هذه التبريرات والأخطاء راح تنسحب على
مجمل حياتنا وأفعالنا وأحكامنا، ومنها حكمنا وتذوقنا للفنون بكل صنوفها المُنتَجة بهذه
المرحلة، والنتيجة راح تقودنا لتبرير وجود أعمال فنية بائسة وتفتقر لأدنى مقومات العمل
الفني، لأن عاطفتنا تجبرنا نقبل ونرضى بحجة تمثيل هذه الأعمال لفكرة دينية أو رمز مقدس.
وهذا ما أحتج بي واحد من الأصدقاء بحديثه
وياي اليوم، بخصوص نصب "سيف ذو الفقار"
قبل ما يقارب قرن غ أكثر أطلق الفنان الأمريكي
(جايمز ماكنييل ويستلر) المعروف بمعادته للعاطفية، وهو واحد من المنتمين للمدرسة الرمزية
في الفن مقولة عظيمة لازم تكون درس بحياتنا هي، ومقولة نيتشه أيضًا ...
يقول ويستلر:
"على الفن أن يكون مستقلاً عن كل هراء..على
الفن أن يكون منفرداً..ويناشد الإحساس الفني للعين أو الأذن دون أن نخلط ذلك بعواطف
خارجية تماما مثل التفاني والشفقة والحب والوطنية وما شابههما"

تعليقات
إرسال تعليق