"حمى السبق الصحفي"


في الصورة جزء من مقال كتبه الروائي أحمد سعداوي، يتحدث فيه عن اللقاء الذي أجرته القناة المصرية مع أحد قتلة المفكر فرج فودة حيث أطلق على هذا اللقاء وصفاً بليغاً جداً أسماه بـ "حمى السبق الصحفي"
 
هذه الحمى أنتقلت إلى العراق في برنامج يعرض على قناة العراقية أسمه "في قبضة القانون" شاهدت من البرنامج حلقتين ولم أستطيع تكملتهما لقساوة البرنامج وفكرته على القبول والأستمرار في المشاهدة!
فمثلاً، من هذه المشاهد عندما تلتقي عوائل الضحايا مع الإرهابي في مكان الحادث والحالة الهستيرية التي تنتاب العوائل حينها وخاصة النساء، والمشهد الآخر عندما يتكلم الإرهابي بكل ثقة ويعبر عن وجهة نظره من خلال حوار المقدم معه، بعدما عبر هو عن رأيه بالقتل والتفجير كما يقول سعداوي.
 
كان من الممكن الإقتناع بفكرة البرنامج لو كانت مقتصرة على عرض إعترافات المجرم وحكم المحكمة عليه، لكن أن تكون الفكرة قائمة على الحوار مع الإرهابي واصطحابه لموقع الجريمة ليشرح الطريقة التي نفذ بها الجريمة، وعلى المشاهد أن يجلس ويستمع لما يقوله الإرهابي وعلامات الهدوء والثقة تملأ محياه دون الإحساس بالذنب والندم في مشهد مستفز للمشاعر والأحاسيس.
وما أن يصل المقدم إلى الأسئلة الغريبة والمثيرة التالية :
•شلون اجيت لهذا الطريق ما فكرت بعائلتك وبهاي الناس والعوائل؟
•شنو تتمنى بهاي اللحظة؟
•انت نادم لو لا؟
•شنو تنصح الشباب والأشخاص اللي مثلك؟

وهنا ينهار هذا المجروم المملوء وحشية وحقد ،ويتحول إلى كائن مغلوب على أمره مغرر به ويبدي أسفه بكل بساطة ودون أكتراث لمشاعر المشاهدين وعوائل الضحايا خاصة، لأنه كان السبب بقتل أرواح ضحاياهم وتغييبهم إلى الأبد.
 
الإرهابي المجرم اللي حصد فكره المنحرف أرواح آلاف الأبرياء لا يتم التعاطي معه بهذه الطريقة المستفزة وإظهاره بهيئة الضيف المحترم، وأعتقد أنه لا يستحق منا سوى محاكمته وتنفيذ حكم العدالة فيه إنصافاً لأرواح الضحايا، بس هي حمى السبق الصحفي سحقت فينا كل شيء. 






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضرورة استحضار التاريخ

أدب الصيف 2

أدب الصيف 1