العنصرية بصيغتها العراقية!


في صفحة من صفحات الفيسبوك، شاهدت فيديو قديم لمسؤول رفيع في الدولة العراقية أثناء جولته الميدانية للاطلاع على سير العمل بأحد المشاريع الخدمية المتلكئة. وبأسلوب الشقاوات والعنتريات التي ورثها المسؤول عن سابقيه في الحكومات العراقية، والبعيد كل البعد عن السياقات اللي من المفروض أن تتبعها الدولة على يد مسؤوليها ضد كل مقصر في عمله، راح يوبخ ويسيء إلى المشرف على عمل المشروع. وحتى يثبت هذا المسؤول للمشرف أنه ذكي وما تنطلي عليه الألاعيب أطلق جملة "شنو شايفني هندي" وهذه الجملة يرددها أغلب العراقيين، ليثبتوا للمقابل مدى ذكائهم وتفوقهم.
هذي الجملة المملؤة عنصرية واستهانة، يحاول من خلالها العراقي يثبت تفوقه وذكائه وأفضليته على من هو غير عربي. وبغض النظر عمن أشاع وروج لهذه الفكرة، لكن بمقارنتها مع الواقع راح تشوف حال الهندي والمراحل اللي قطعها بالتقدم والتطور في الحياة وحال العراقي وواقعه المرير واللي يزداد سوء يوم عن يوم!

أثناء ترديد المسؤول لهذه الجملة، مباشرة تذكرت رجل هندي أسمه (زين العابدين عبدالكلام) رَئِيس الهند من ٢٠٠٢ إلى ٢٠٠٧ من خلال قراءة سيرته الذاتية (رحلتي) حيث تقول المترجمة والكاتبة لطفية الدليمي في نهاية مقدمتها عن الكتاب...
"أعجبت ايما إعجاب بشخصيته النزيهة ومكانته العلمية في الهند والعالم، ودفعني اعجابي هذا إلى قراءة مصادر متعددة عنه، وليست ترجمتي لكتاب مذكراته هذا من باب الرثاء؛ فالخالدون لا يموتون، بل أرى في عملي هذا تلويحة وداع لهذه الشخصية الفريدة ومواقفها المميزة ....
ثم تردف، كم تمنيت أن يكون لدينا قادة من طراز عبدالكلام يديرون امور البلاد بحنكة وحكمة ويتمتعون بهذا القدر من الثقافة والرفعة والنزاهة والانتماء للوطن وحده دون سواه ويخططون لمستقبل أفضل مدعوم بالمعرفة والتقدم العلمي والتقني"

من إنجازات زين العابدين عبدالكلام، الكاتب والشاعر والعالم ومهندس الصواريخ. أنه لعب دوراً رائداً في تطوير برنامجي الهند الصاروخي والنووي...ووضع برنامجاً تقنياً طموحاً تحت عنوان (رؤية تكنولوجية حتى ٢٠٢٠) ويعد بمثابة خارطة طريق لجعل الهند مجتمعاً قادراً على المنافسة التقنية العالمية خلال عشرين عاماً
ركز البرنامج على موضوعات أساسية:
١- زيادة الانتاج الزراعي
٢- التركيز على التقنية كوسيلة أساسية للنمو الاقتصادي
٣- زيادة قدرة المواطنين على الاستفادة من الوسائل والتقنيات الصحية والتعليمية

مات عبدالكلام عام ٢٠١٥ وهو لا يملك سوى عدداً من الكتب وآلة الفانيا ومشغل أسطوانات مدمجة وجهاز لابتوب، وآلت مقتنياته لأخيه بعد وفاته.

أتمنى لمسؤولينا أو أي شخص يقول "شايفني هندي" أن يصير هندي عسى ولعل يولد لدينا زين العابدين عبدالكلام جديد.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ضرورة استحضار التاريخ

أدب الصيف 2

أدب الصيف 1