المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2020

ميلدريد في البصرة

صورة
أنجيلا شابة اختطفت واغتصبت ثم قتلت وحرقت جثتها، في بلدة وهمية صغيرة أسمها إيبينغ... بعد مرور سبعة أشهر على الحادثة، ورغم صغر حجم البلدة وقلة أعداد ساكنيها، إلا إن الشرطة لم تستطع أن تجد الجاني؟ أو بالأحرى القضية نُسيت لانشغال شرطة البلدة بأمور تافهة مثل (محاسبة الأطفال الذي يستغلون مواقف السيارات للتزلج، او ملاحقة الزنوج بدافع عنصري) ذكرتني هذه الأحداث الخيالية في فيلم ‏ " Three Billboards Outside Ebbing, Missouri ” بأحداث حقيقية نعيشها بواقعنا اليوم، بالإجراءات اللي تتخذها السلطات الأمنية بالبصرة بعد كل موجة قتل تمر بيها المحافظة، إجراءاتهم شبيهة بإجراءات شرطة بلدة إيبينغ (سيطرات أمنية وقطع للشوارع بالليل، منع سير الدراجات، والاهتمام بقضايا تعتبر ثانوية أو ساذجة ما إلها علاقة بجرائم القتل والبحث عن الجناة) لذلك وباعتباري متضرر من هاي الإجراءات أتمنى أتصير عندي جرأة وأسوي مثل ما سوت "ميلدريد" والدة الشابة بالفيلم بتحديها للسلطات المحلية، لإجبارهم على فك لغز جريمة قتل أبنتها، وفشلهم في القبض على الجاني، من خلال وضع ثلاث لوحات إعلانية في الطريق الرئيسي للبلدة، تفضح ...

ماكس فيبر والعراق

صورة
لدى ماكس فيبر رأي بخصوص بناء الدول وتطوير مجتمعاتها...   يعتقد فيبر أن المساعدات المالية التي تقدم للدول النامية هي مضيعة للوقت والمال؟ ويضيف إن مشكلة هذه البلدان ليست مادية بل ثقافية، بتعبير آخر "إن مجتمعات هذه الدول لا تشعر بالذنب (وبتعبير أشد قسوة مني، لا تشعر بالعار) تجاه واقعها المؤلم، وتؤمن بالمعجزات لتطورها ونهضتها"   من خلال مشاهدة واحتكاك عمليين، بعمل الجمعيات الوطنية الانسانية لمدة قاربت السنتين، اقتنعت جداً برأيي ماكس فيبر!   الجهات الانسانية الدولية جاي تمنح أموال طائلة للجهات الانسانية الوطنية العراقية، في سبيل تنمية المجتمع ومساعدة الناس والتقليل من الأضرار ومعالجة الأزمات. لكن مقابل هذا الدفع الكبير للأموال، هناك صرف عبثي وبدون تخطيط ومتابعة (والأغرب هو عدم شعور بالمسؤولية، وانعدام الرقابة اللي مصدرها الضمير الإنساني) والنتيجة: ان اغلب هذه المشاريع مصيرها الفشل، او عدم فاعليتها بصورة صحيحة لذلك ما جاي تترك اي اثر على ارض الواقع!   نصيحة ماكس فيبر للدول المانحة أن تبطل تنطي فلوس للدول النامية التي تعاني من دكتاتوريات أو تسلط وفساد، وبدل ذلك عليها أن...

"حمى السبق الصحفي"

صورة
في الصورة جزء من مقال كتبه الروائي أحمد سعداوي، يتحدث فيه عن اللقاء الذي أجرته القناة المصرية مع أحد قتلة المفكر فرج فودة حيث أطلق على هذا اللقاء وصفاً بليغاً جداً أسماه بـ "حمى السبق الصحفي"   هذه الحمى أنتقلت إلى العراق في برنامج يعرض على قناة العراقية أسمه "في قبضة القانون" شاهدت من البرنامج حلقتين ولم أستطيع تكملتهما لقساوة البرنامج وفكرته على القبول والأستمرار في المشاهدة! فمثلاً، من هذه المشاهد عندما تلتقي عوائل الضحايا مع الإرهابي في مكان الحادث والحالة الهستيرية التي تنتاب العوائل حينها وخاصة النساء، والمشهد الآخر عندما يتكلم الإرهابي بكل ثقة ويعبر عن وجهة نظره من خلال حوار المقدم معه، بعدما عبر هو عن رأيه بالقتل والتفجير كما يقول سعداوي.   كان من الممكن الإقتناع بفكرة البرنامج لو كانت مقتصرة على عرض إعترافات المجرم وحكم المحكمة عليه ، لكن أن تكون الفكرة قائمة على الحوار مع الإرهابي واصطحابه لموقع الجريمة ليشرح الطريقة التي نفذ بها الجريمة، وعلى المشاهد أن يجلس ويستمع لما يقوله الإرهابي وعلامات الهدوء والثقة تملأ محياه دون الإحساس بالذنب والندم في مشهد ...

أثواب باسم الكربلائي الملكية

صورة
في كتاب (من لا يكره بغداد) يذكر الراحل أحمد المهنا قول المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير عن المفارقة السائدة في شعر المتنبي بين فن رفيع وفكر رقيع، قائلاً: إنه "ألبس أتفه المعاني أثواباً ملكية" في إشارة واضحة للفخر الذاتي الذي كرسه المتنبي في أشعاره، وهو تعبير واضح عن الشخصية الفارغة والخالية من أي محتوى والمتناقضة مع واقعها. لكن المتنبي قدم هذه الخصلة ورسخها في وعي المجتمع بلغة رصينة وشعرية جذابة. في مجتمعنا العراقي عموماً (الشيعي خصوصاً) الذي يعيش "تحت ثقل التأريخ" كما يصفه جمال جاسم أمين في كتابه (مقهى سقراط) تبرز ظاهرة الترميز، والتي يُراد منها خلق رموز أسطورية كتعويض عن الفشل والشعور بالنقص في كثير من مفاصل الحياة. وهذه الظاهرة هي تعبير صارخ عن الدونية التي يمارسها المجتمع تجاه نفسه، باعتبار أن الرمز هو اختزال لكل طاقات الأمة وتعبير عنها. وكذلك لممارسة أفراد هذا المجتمع سطوتهم على الآخرين من خلال انتمائهم لهذه الرموز. بعد عام ٢٠٠٣ أصبح باسم الكربلائي واحداً من أبرز هذه الرموز التي يمارس من خلالها الشيعي سطوته على الآخر، وأصبح أكبر من كونه رادوداً يقرأ قصيدة تعبر ...

(جعفر مردان) و (إيدن ميلر)

صورة
ذكر الدكتور كمال السامرائي بمذكراته "حديث الثمانين" في يوم من أيّام عودته من المدرسة سمع بتعجب صوت غناء صادر من واحد من البيوت. وبتعبير الدكتور تعجبت من هذا الصوت لأنه "لا يمكن أن يخرج من فم بني آدم" ولما تلصص من خلال شقوق البيت، شاهد بضعة رجال يحيطون بآلة يعلوها بوق أحمر كبير، كان يصدر منها الغناء. الآلة هي آلة (الگرامفون) وكانت في بيت شخص أسمه جعفر مردان جلبها من بغداد. جعفر مردان كان يشتغل (نعل بند = سكافي)، فيجتمع عنده الناس لأجل الاستماع. وبحسب ما يظهر من كلام الدكتور أنه الوحيد الذي يملك هذه الآلة في منطقتهم! يكمل الدكتور السامرائي حديثه، حيث أنه شاهد الضيوف بعد أن انتهوا من الاستماع، يُبعدون رؤوسهم عن فتحة بوق (الگرامفون) وهم يقولون: -عيش وشوف، بعد ما يخلقون إلا الإنسان! فيجيبهم جعفر: -استغفر الله فالخَلقُ لله وحده. وقت هذه الحادثة كما يرويها الدكتور هو منتصف عشرينيات القرن الماضي، لكن بعد ما يقارب المئة سنة حدث الذي تعجب منه المجتمعون في بيت جعفر، واستغفر منه (جعفر مردان) حيث تم صنع وتطوير أول روبوت فنان شبيه بالبشر، من قبل مجموعة مهندسين في جامعة أوكسفورد ...

مصائرنا والسادة الفاشلون

صورة
المربي، الدكتور كمال السامرائي يفرد صفحات في مذكراته (حديث الثمانين) يتحدث فيها عن سبب عدم انتماءه إلى حزب سياسي بذاته ، لكنه يتساءل وبناءً على حادثة حدثت مع واحد من طلابه المكملين وكان ينتمي إلى الحزب الشيوعي حينها عن السبب الذي يدفع هذا الطالب وأمثاله للانتماء السياسي؟ هذا التساؤل جاء بعد فشل الطالب المذكور في الاختبار التكميلي وكان مكملًا بثلاث دروس، رغم توسلاته للدكتور كمال لإنجاحه كونه معتقل بسبب توجهاته الحزبية "المتطرفة والراديكالية" ولم يستطع بسبب الاعتقال مراجعة دروسه، وكذلك تدخل مسؤوله الحزبي الذي كان على علاقة بالدكتور للتأثير على قراره في منحه درجة النجاح، لكن الدكتور كمال يقول أخذت موقف الجد كممتحن، ويبرر الدكتور موقفه هذا بالتساؤل:   (هل أن رؤساء هذا الطالب في الحزب يتغاضون عن أخطاءه في تطبيق أوامرهم؟ فكيف نتساهل معه إذا أخطأ في الامتحان وهو مقبل على تولي أرواح الناس؟) ويظهر من حديث الدكتور أن هذا الطالب مع مجموعة طلبة آخرين كانوا مهتمين بالسياسة ويفضلونها على الدراسة ومهنة الطب!   قبل أيام قرأت رواية عنوانها (سادة المصير) للروائي الجزائري سفيان زدادقة ...

عن الحدود غير المألوفة للإنسانية

صورة
قبل حوالي سنة أو اكثر قرأت رواية "الوجه الآخر" لفؤاد التكرلي ورغم حجمها الصغير؛ نسيت أغلب تفاصيلها، لكن مشهد واحد بقي عالق بذهني وأتذكره دائماً، مشهد عرضي في الرواية يصادف البطل أثناء خروجه صباحاً متجهاً إلى عمله. يبدأ المشهد؛ حيث بطل الرواية (محمد جعفر) واقف وسط زحام سكان المدينة وهم ينتظرون باص النقل العام، يشاهد جعفر أحد الأشخاص في الشارع يطلب منه المساعدة بنقله إلى المستشفى لسوء حالته الصحية، والرجل مثل ما يصفه التكرلي في حال هو أقرب إلى الموت، فكان رد فعل (محمد جعفر) أن "رأى نفسه يقفز بخفة إلى الشارع وينحشر متدافعاً مع جمع الصاعدين إلى الباص!" دون أن يسعف الرجل؟! هذا التصرف والذي يعتبر غريباً على ما نشأنا وتربينا عليه "إنك تصادف شخص يحتاج لمساعدة، وتتجاهله، خصوصاً بهكذا وضع أشبه بوضع الشخص المذكور بالرواية" هو ما أبقى هذا المشهد حاضر بخيالي ودائماً أتذكره وأتساءل عن سبب امتناع البطل عن نجدة شخص مشرف على الموت؟ قبل أيام أبحث بـ (Google) حصلت على مقالات تحلل سلوك الأشخاص الذي يمرون بحالة مشابهة لحالة (محمد جعفر)، وهذه المقالات مستندة إلى آراء أخصائيي...